المحتويات
✍️ بقلم دوشكا رادوسافليفيتش | إدنبرة – 25 أغسطس 2025
📍 ترجمة خاصة لـ “الخشبة”
على مدار ثلاثين عامًا من حضوري لمهرجان إدنبرة المسرحي، ظلّ الحدث أكبر من أن يُستوعب بالكامل. وفي عام 2025، مع تسجيل رقم قياسي بلغ 4000 عرض مسرحي، لم تعد التحديات كمية فحسب، بل فلسفية أيضًا: كيف نفهم هذا النسيج الفوضوي من العروض الذي يقاوم السرد الواحد؟
هذا التقرير لا يدّعي الشمول، بل ينطلق من تجربة شخصية جزئية، مدفوعة بتوصيات فردية، مصادفات عشوائية، ومسارات عروض غربية. غابت عن هذه العينة مواسم كاملة مخصصة لفلسطين، وأعمال من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، كانت لتُغيّر السرد جذريًا. ومع ذلك، فإن هذه العينة المحدودة تتحدث عن عالم مأزوم، تطارده الحروب والانهيار البيئي وإرث الاستعمار، لكنها تنبض أيضًا بالخيال والفرح والمقاومة.بمساعدة الذكاء الاصطناعي، حددت أربعة محاور رئيسية تتقاطع في هذه العروض: المسرح كشهادة عاجلة، الجسد كموقع للمقاومة، إعادة كتابة الإرث، ومختبر المشاركة. كلها تُجسّد مفارقة المهرجان: فائضٌ يُحدّد رؤيتنا بوضوح.

🎭 المسرح كشهادة عاجلة
- “أيام الشغب” – فرقة Pussy Riot
عرضٌ يجمع بين الحفل الموسيقي، الوثائقي، والطقس الاحتجاجي، حيث تُعرض لقطات حرب بجانب أقنعة البلاكلافا، ويُستدعى اسم الناشطة الروسية إيرينا سلافينا التي أحرقت نفسها احتجاجًا. المسرح هنا ليس استعارة، بل نصبٌ تذكاري حيّ. - “تعويضات بلفور” – فرح صالح
عرضٌ تخيّلي في عام 2045، حيث يُدعى الجمهور للمشاركة في لجنة تقييم اعتذار بريطانيا لفلسطين. صالح تُدمج الأداء الحركي مع النقاش السياسي، لتُجسّد أن مواجهة الإرث الاستعماري يجب أن تكون جسدية وعقلية. - “لا مكان” – خالد عبد الله
عرضٌ فردي يجمع بين الاعتراف، الكوميديا، والسيرة الذاتية، حيث يُعيد عبد الله رسم خريطة الثورة والموت من خلال صور شخصية ورسائل هاتفية، ويُشرك الجمهور في معرض فني حيّ. - “جمعية المواطنين” – آندي سميث
الجمهور يقرأ نصًا ساخرًا ثم يتحوّل إلى نقاش حقيقي حول أزمة المناخ، في تجربة ديمقراطية تُبرز أهمية الاستماع دون إصدار أحكام.

💃 الجسد كموقع للمقاومة والفرح
- “الفراشة التي طارت إلى الحفل” – أولي ماثيسن
ثلاثة راقصين يؤدّون عرضًا حركيًا متواصلًا على موسيقى تكنو، حيث يتحوّل المسرح إلى نادٍ ليلي، ويُصبح العرق والجهد طقسًا جماعيًا. - “لا اعتذارات” – إيما فرانكلاند
عرضٌ ناري يُعيد تخيّل حفل نيرفانا عام 1993 من خلال أسطورة إيكاروس، في دفاعٍ شرس عن حياة المتحوّلين جنسيًا. - “الأنا” – أنيمون فالكي وفيرونا فيرباكل
عرضٌ يتأرجح بين المقال النظري والخيال الإباحي، يُفكك طموح المرأة في ظل الأداء والسلطة، ويكشف هشاشة التلاعب والعاطفة. - “استمع، ارقص” – فرقة Little Bulb
عرضٌ جماعي يُعلّم الجمهور رقصات شخصية، حيث يُصبح الفشل احتفالًا، والرقص السيئ فعلًا ديمقراطيًا مبهجًا.

🕰️ إعادة كتابة الإرث واستحضار الأشباح
- “الأثير” – إيما هاوليت
عرضٌ يستعرض تاريخ النساء في العلم، من هيباتيا إلى فيرا روبين، باستخدام استعارة المادة المظلمة، رغم أن الثقل العلمي يُضعف الجانب المسرحي. - “مايلز” – أوليفر كادربهاي
محاولة لاستحضار روح مايلز ديفيس عبر موسيقى الجاز، لكنها تبقى تكريمًا أكثر من كونها كشفًا دراميًا. - “رسالة إلى ليندون جونسون أو الله” – Xhloe وNatasha
عرضٌ ساخر عن صبيين ينتظران مرور قطار الرئيس الأمريكي، يُعيد تخيّل الطفولة كأسطورة كويرية، بمزيج من الكوميديا والحنين. - “فلسفة العالم” – فرقة In Bed With My Brother
عرضٌ يُعيد إحياء فرقة The Shaggs النسائية، التي تحوّلت من سخرية إلى أيقونة بروتو-بانك، في فوضى مسرحية تنتهي بثورة نسوية غاضبة. - “Up Your Ass” – نونا ديمي غالاغر وليزيلوت سيديكي
عرضٌ يُقدّم نص فاليري سولاناس لأول مرة في أوروبا، بمواجهة فجة للميسوجينية، وتحديثات فكرية تُبرز راهنية الغضب النسوي. - “تجسيد الرجل الصاروخي” – هنري نايلور
عرضٌ عن اضطهاد إلتون جون، يبدو تقليديًا أمام تحديات التضليل الرقمي اليوم. - “هاملت – اليقظة” – فرقة Song of the Goat
عرضٌ أوبرالي ثقيل، يُحذّر من الخلط بين الجدية والعمق الحقيقي.

🧪 مختبر المشاركة المسرحية
- “وجه من؟ أنا؟” – نينا كونتي
عرضٌ للدمى والارتجال، حيث يُصبح الجمهور جزءًا من السرد، في تجربة تُعيد تعريف التواطؤ المسرحي. - “غرفة الانتظار – الذكاء الاصطناعي”
عرضٌ يستخدم بيانات الجمهور لبناء سرد شخصي عبر سماعات الرأس، ويُقدّم الذكاء الاصطناعي كمرآة ناقصة تتطلب تدخلنا. - “شكرًا لحضوركم” – Ontroerend Goed
عرضٌ يُحوّل الجمهور إلى محتوى، حيث تُعاد شهاداتهم في حلقات صوتية، ويُبنى كل عرض على آثار العرض السابق، في تجربة تشاركية متطورة. - “شاملتون” – فرقة Baby Wants Candy
مسرحية هيب هوب مرتجلة، يُشارك فيها الجمهور باقتراحات، في نموذج ديمقراطي للفوضى المسرحية. - “قصص غير مروية” – Silent Rocco
عرضٌ صامت يعتمد على مهارة الممثل وخيال الجمهور، في تواطؤ جمالي هادئ. - “راقب ذلك” – ويندي هوستون
عرضٌ فردي يُحاكي برنامج مسابقات، حيث تُحاول الممثلة عدم إهانة أحد، في نقد ساخر للرقابة الذاتية الجماعية.

🧭 خلاصة “الخشبة”
مهرجان إدنبرة لعام 2025 يُجسّد تناقضات العصر: بين الفوضى والحضور، بين العاجل واللعب، بين الغضب والحنين. ما غاب عن هذه العينة – كأصوات المناطق المحتلة – لا يقل أهمية عمّا حضر، ويُذكّرنا بقوة المسرح في الرقص، والنقاش، والحزن، والتخيّل الجماعي. ربما تكون هذه هي القيمة الحقيقية للمهرجان: ليس تقديم صورة متماسكة، بل استعراض تعددية مستقبلية مؤقتة.
📌 المصدر: The Theatre Times