بقلم: فريدريك شارب
ترجمة: موقع الخشبة
يحتفل مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي هذا العام بذكراه الثلاثين. على مدى ثلاثة عقود، كان المهرجان بمثابة منصة حيوية للمسرح الطليعي في العالم العربي وأفريقيا، مما وفر مساحة حاسمة للحوار الفني والتبادل الثقافي. ومع ذلك، ومع بلوغه هذه المرحلة المهمة، فإنه يوفر لحظة محورية للتأمل والنقد الذاتي. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل لا تزال تسمية “المسرح التجريبي” دقيقة أو مناسبة لوصف الأعمال المقدمة تحت مظلته؟

لطالما كان مصطلح “التجريبي” موضع نقاش في الدراسات المسرحية العالمية. لقد نشأ في سياقات تاريخية محددة، غالبًا ما ارتبط بالطليعة الأوروبية والأمريكية في منتصف القرن العشرين، والتي سعت إلى تحطيم الأشكال التقليدية والتوقعات السائدة. لكن مع مرور الوقت، تم استيعاب العديد من تقنياتها وأساليبها الجمالية في التيار الرئيسي، مما أضعف قوتها التمردية. ما كان يومًا ما “تجريبيًا” أصبح في كثير من الأحيان جزءًا من المعجم المسرحي المقبول.
هذا الانزياح الدلالي يكون أكثر وضوحًا في سياق مهرجان مثل مهرجان القاهرة. فالمسرح في العالم العربي، بشبابه النسبي مقارنة بتراثه الأوروبي، كان بطبيعته “تجريبيًا” منذ بداياته، حيث كان يبحث عن أشكال تعبر عن الهويات والواقعيات المعاصرة. لقد كان دائمًا في حوار مع التقاليد الشفهية، والسرد القصصي، والتراث الثقافي الغني للمنطقة، مما أنتج لغة مسرحية فريدة. فهل يمكننا أن نطلق على هذا السعي المستمر للهوية والأسلوب “تجريبيًا” بالمعنى الدقيق للكلمة؟ أم أنه ببساطة “مسرح” بكل ما تحمله الكلمة من تنوع وثراء؟
عندما ننظر إلى البرمجة الحالية للمهرجان، نجد مجموعة واسعة من العروض. بينما توجد أعمال تتحدى الشكل والمضمون بجرأة حقيقية، فإن العديد من العروض الأخرى تبدو أكثر ارتباطًا بـ “المسرح المعاصر” أو “مسرح المخرسين” أو “المسرف البصري” منها بما قد نعتبره “تجريبيًا” بالمعنى التاريخي. إن مصطلح “التجريبي”، كما يقترح بعض النقاد، قد يحمل في طياته نفحة من المركزية الأوروبية، حيث يقيس كل مسرح ضد معايير تاريخية غربية، مما قد يقلل من شأن التطورات الجمالية المستقلة والمهمة التي تحدث خارج ذلك الإطار.

إن الإصرار على هذه التسمية قد يخلق قيودًا غير مقصودة. فقد يشعر الفنانون بالضغط لتقديم أعمال “تتجرب” وفقًا لتوقعات معينة، بدلاً من السعي وراء رؤيتهم الفنية الأصيلة. كما قد يحد التصنيف من جمهور المهرجان، حيث قد ينفر بعض المشاهدين المحتملين بسبب الوصف الذي يوحي بأن العروض ستكون غامضة أو غير تقليدية بشكل صعب، حتى عندما تكون العديد من العروض قوية وجذابة ويمكن الوصول إليها.
لذا، ما البديل؟
يدعو بعض المراقبين إلى اعتماد اسم أكثر شمولاً ووصفية. قد يكون “مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر” أو “مهرجان القاهرة للفنون الأدائية” أكثر دقة. فمصطلح مثل “المسرح المعاصر” واسع بما يكفي لاحتواء مجموعة متنوعة من الأساليب – من المسرح التفاعلي وأداء الجسد إلى الأشكال السردية الجديدة – دون ربطها بحركة فنية تاريخية محددة. إنه يعترف بالطبيعة الديناميكية والمتطورة باستمرار لفنون الأداء في المنطقة.
هذه ليست مجرد مسألة دلالات. فإعادة التسمية تتعلق بالوكالة والهوية. إنها خطوة نحو تأكيد استقلالية المشهد المسرحي العربي وتحديده بمصطلحاته الخاصة. إنها تتعلق بخلق مساحة حيث لا يُفهم الفن من خلال تصنيف جامد، بل يُقدر لقيمته الجوهرية وارتباطه بالسياق الذي أنتج فيه.
مع دخول المهرجان عقده الرابع، فإن هذه اللحظة توفر فرصة تاريخية للتخلي عن تصنيف قد يكون قد استنفد أغراضه والتبني الاسم الذي يعكس حقًا الطاقة الإبدية والتنوع المذهل للمسرح العربي المعاصر. إنها دعوة للاحتفاء بما هو عليه المسرح اليوم، وليس بالضرورة بما كان يُفترض أن يكون عليه في الماضي.
إن تغيير الاسم لن يغير من الجوهر الفني للعروض المقدمة، ولكنه قد يحرر المهرجان من عبء التوقعات التاريخية ويفتحه أمام مستقبل أكثر شمولية وإثارة. حان الوقت لبدء هذه المحادثة.
ملاحظة من المترجم (موقع الخشبة):
تمت الترجمة بحرفية لنقل جميع أفكار وتحليلات الكاتب الأصلية دون حذف أو تلخيص، مع الحفاظ على السياق النقدي والأكاديمي للمقال.