المحتويات
في عرض مسرحي ينبض بالقوة والصدق، يقدّم الكاتب البريطاني جيمس غراهام عمله الجديد “اللكمة” على خشبة مسرح أبولو في لندن، مستندًا إلى القصة الحقيقية للشاب جاكوب دون الذي غيّرت العدالة التصالحية مسار حياته بعد ارتكابه جريمة قتل غير متعمدة.
🧨 من ضحية إلى بصيص أمل
في يوليو 2011، وجّه جاكوب، البالغ من العمر 19 عامًا، لكمةً قاتلةً إلى جيمس هودجكينسون، مسعف شاب يبلغ 28 عامًا، في هجوم غير مبرر وسط مدينة نوتنغهام. توفي الضحية بعد تسعة أيام، بينما حُكم على جاكوب بالسجن عامين ونصف بتهمة القتل غير العمد، قضى منها 14 شهرًا فقط، ليخرج بعدها بلا مأوى، بلا عمل، وبلا مستقبل.
لكن والدي الضحية، جوان وديفيد هودجكينسون، قررا مواجهة الألم بطريقة مختلفة. عبر تدخل اجتماعي، بدأوا التواصل مع جاكوب، وفتحوا بابًا للعدالة التصالحية، حيث يسعى الجاني والضحية (أو ذووها) لفهم ما حدث، والتصالح مع الألم.
🎭 سرد مسرحي نابض بالحياة
يبدأ العرض بجلسة علاجية، ثم يعود بالزمن ليُظهر جاكوب كشاب غاضب، مدمن على الكحول والمخدرات، يعيش في بيئة مهمّشة. الممثل ديفيد شيلدز يُجسّد شخصية جاكوب ببراعة، متنقلًا بين لهجة نوتنغهام الشعبية والإنجليزية القياسية، في سرد مباشر للجمهور.
يُشارك في العرض خمسة ممثلين آخرين يؤدون أدوار الأصدقاء والعائلة، بينما يُقدّم جوان وتوني هيرست أداءً مؤثرًا كوالدي الضحية، في صراع داخلي بين الغضب والغفران.
🔍 تحليل اجتماعي عميق
العرض لا يكتفي بسرد القصة، بل يُسلّط الضوء على جذور الغضب الذكوري في بريطانيا المهمّشة: غياب الآباء، ضغوط الأمهات، والفقر المدقع. يُظهر كيف يمكن للتدخل الإنساني أن يُغيّر المصير، ويُعيد بناء الإنسان.
كما يُشير النص إلى أن 60 شخصًا في بريطانيا لقوا حتفهم بسبب لكمة واحدة خلال العقد الماضي، ويُبرز دور مؤسسات مثل Remedi في دعم العدالة التصالحية رغم التحديات والاقتطاعات المالية.
🧱 إخراج بصري صارم
يُخرِج العرض آدم بينفورد، ويُصمّم الحركة ليان بيندر، على خشبة مسرحية من تصميم آنا فليشله، تُجسّد قسوة الحياة في الأحياء الشعبية. رغم بعض التماثل الزائد في الصور المسرحية، إلا أن الطاقة التمثيلية تُبقي العرض نابضًا.
🌈 رسالة العرض
“اللكمة” ليس مجرد عرض مسرحي، بل شهادة على إمكانية التغيير، وعلى قوة الغفران، وعلى دور المسرح في فتح أبواب الحوار المجتمعي. إنه عرض يُشبه طقسًا للشفاء، ويُقدّم الأمل في عالمٍ يرزح تحت وطأة الغضب والظلم.
العرض مستمر في مسرح أبولو حتى 29 نوفمبر 2025، ويُعد من أبرز أعمال المسرح السياسي المعاصر في بريطانيا.
المصدر: The Theatre Times.